نيستا عضو مميز
عدد المساهمات : 6625 العمر : 33 العمل/الترفيه : Graphic Designer المزاج : هو حد فاضي للمزاج دلوقتي الجامعة : جامعة دمنهور الكلية : كلية الآداب الفرقة : خريج الشعبة : الآثار المحافظة : البحيرة المدينة : ايتاي البارود نقاط : 12016 تاريخ التسجيل : 03/10/2010
| موضوع: العرب وسياسة الفئران السبت 04 ديسمبر 2010, 3:27 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
في كل أزمة تلمّ بأمتنا العربية أو بأحد أقطارها،
أجدني مستحضراً تلك الأسطورة التي تعودت سماعها في الصغر من حكماء القرية القابعة في حضن جبل في أواسط صعيد مصر حيث يكمن المخزون القيمي للمجتمع المصري على حد تعبير لويس عوض. فقد اعتاد الكبار تعليمنا ألا ننشغل بالخلافات الداخلية بين أفراد العائلة عما يترصدنا من مخاطر خارجية. فعادة ما يتلهى صغار العقول أو ضعاف النفوس أو قصيري النظر بخلافات داخل الوحدة الاجتماعية التي ينتمون إليها، سواءً أكانت عائلة أم جماعة أم أمة، عن مخاطر جمة قد تؤدى بهم جميعاً، وعادةً ما تكون هذه المخاطر قادمة من خارج حدود كيانهم الاجتماعي الحضاري.
والأسطورة يا سادة يا كرام تقول: إنّ فلاحاً تأذى من الفئران التي اعتادت أن تتلف زراعته وتقضى على محصوله الذي أفنى نصف عام من عمره وعمر أسرته في رعايته والعناية به. لذلك قرر أن يضع لها شراكاً كبيراً يصطادها جميعاً. وحينما تمّ له ذلك وضع جميع الفئران في "جوال" وهو كيس كبير من القماش السميك أو الصوف ثم وضعها على ظهر حماره وسار بها مطمئناً ليدفنها في الجبل، وفي الطريق قابله شيخ كبير، فبادره الفلاح الشاب بالتحية والسلام وردّ الشيخ تحيته ثم سأله عما يتحرك داخل الجوال المحمول على ظهر الحمار، فقصّ عليه قصته فتبسم الشيخ ساخراً من سذاجة ذلك الشاب قليل الخبرة، حسن النية الذي لم تصهره التجربة ولم تعتركه الأيام بعد. ثم قال الشيخ: ألا تعلم يا بني أن الفئران قد تعمد بأسنانها إلى هذا الكيس فتقطعه إرباً ثم تخرج منه وتهرب في الحقول المجاورة للطريق فتؤذي إخوانك الفلاحين وتتلف مزروعاتهم. فردّ الشاب وماذا أفعل لأمنعها من القيام بذلك. فقال الشيخ: طريقة بسيطة يا ولدي: عليك أن تهزّ أحد جانبي الكيس هزة قوية ثم تهز الجانب الآخر بنفس الطريقة، فتعجب الشاب من هذا الفعل العبثي
وبادر الشيخ متسائلاً ولماذا أفعل هذا يا عمي؟ فقال الشيخ: لأنك إذا فعلت هذا ارتطمت رؤوس الفئران وأجسادها بعضاً ببعض وظن كل واحد منها أن الفأر الآخر قد ضربه فيمسك بخناقه ويرد له الضربة ضربتين، وبذلك تنشغل الفئران بالعراك فيما بينها وتتلهى عن قرض الكيس والخروج من سجنها الذي سيقودها إلى حتفها ودفنها في رمال الجبل الملتهبة. وفعل الشاب ما نصحه به الشيخ ووصل بالفئران إلى الجبل وهناك قضى عليها مرة واحدة.
هذه القصة الأسطورية تزاحم كل النظريات السياسية التي تعلمتها على مدى ربع قرن عندما أتابع الصراعات العربية-العربية سواءً داخل الدول العربية أو فيما بينها. وأجدني متسائلاً هل نحن أمة من العرب أم أمة من الفئران، وأعتقد أننا للثانية أقرب. فقد صار واحداً من خصائصنا ذلك البعد الفأري الذي صبغ السياسة العربية منذ قيام الدولة العربية الحديثة إلى اليوم.
والناظر يعين الموقف في الواقع العربي المعاصر يجد نفسه مستدعياً بصورة تلقائية أسطورة الفئران لتفسير وفهم الصراعات المنتشرة في العالم العربي من الساحل الأطلسي إلى الخليج العربي. فالحالة اللبنانية-السورية هي حالة فئرانية بامتياز تتحرك جميع الفئران فيها باحثة عن عدو متلهية عمن يخترق أجواءها أو من يحتل أرضها وينتهك سيادتها كل يوم، فلم ينظر أي فأر منها خارج "الجوال" أو الكيس بل أجمع الجميع على الانشغال بإخوانه الفئران. ولا يعني ان الفئران بريئة من دم إخوانها وأخواتها ولكن ما ينبغي لها أن تنشغل بالانتقام من الأخ المجرم عن العدو القادم بالهلاك المنتظر للجميع. أما حالة الفئران العراقية فلا تحتاج إلى تفصيل أو تحليل فهي جميعها فئران ساذجة سطحية تافهة تنشغل بالكراسي والألقاب والسرقات عن مصير أمنها ومستقبل وطنها ودمار إخوانها وأمن وسلامة أهلها. فئران ترى اليد العابثة بالجوال وتفرح بها وتشجعها من أجل الانتقام لمظلوميات تاريخية متوهمة، أو لثارات عائلية أو حزبية أو لمطامع مالية واقتصادية. وفي كل الأحوال لا تحصل على شيء إلا ما تسمح به يد راعي البقر الساذج الممسك بالجوال من أطرافه والذي يحركه من حين لآخر.
أما عن فئران السودان فحدّث ولا حرج عن تضخم الذوات والانتقامات الشخصية والعبث بالمصير والوطن....إلخ.
وفي جميع هذه النماذج الفأرية تتبع نفس الاستراتيجيات القديمة الجديدة التي أهدرت مستقبل الأمة العربية و ضيعته منذ ما يزيد عن نصف قرن، فقد انشغلت الفئران المصرية في اليمن حتى ضاعت سيناء والجولان وما تبقى من فلسطين عام 1976، وكذلك انشغلت الفئران العراقية في إيران حتى ضاعت العراق وتعرقلت خطوات إيران وتشوهت، وانشغلت الفئران الليبية في كل خرابات الدنيا ومزابلها حتى ضاع مستقبل الشعب الليبي وتراجع إلى حالات الفقر والتخلف غير المسبوقة في التاريخ الليبي المعاصر. ونفس الأمر حدث في الجزائر وسوريا والأردن وغيرها. في جميع هذه الحالات انشغلت الفئران ببعضها البعض وتلهت عن عدوها الخارجي حتى أمكن التحكم فيها بصورة وبأخرى. وما حوادث حماه في سورية أو أيلول الأسود في الأردن أو التسعينيات في الجزائر إلا نماذج للسياسة الفأرية التي أتقنها العرب ومازالوا يتفوقون على أنفسهم في كل مرحلة من مراحل تطورهم التاريخي المأزوم والمتأزم في نفس الوقت.
وقد يرى البعض في أسطورة الفئران تجسيداً لنظرية المؤامرة التي اعتاد بعض المثقفين العرب استخدامها بصورة متكررة مملة سواءً لنفى المسؤولية عن الذات واتهام الآخر، أو لتبرئة الآخر وتحويله إلى ملاك طاهر أو ساذج أبله واتهام الذات وجلدها. وهنا ينبغي أن نؤكد ان التاريخ ليس مؤامرة كبرى، ولكن المؤامرة جزء من التاريخ، فهي أداة سياسية أساسية في جميع مراحل التاريخ وعند جميع الأمم وإلا لما قيل "الحرب خدعة" ولما كان هناك "حصان طروادة" ولما نشأت أجهزة ضخمة للاستخبارات العامة أو الاستخبارات العسكرية. ولما أنفقت الدول ميزانيات طائلة على أعمال التجسس ولما كانت هناك مذكرات لقادة عظام، وإذا كان مفهوم المؤامرة قد تم تلويثه وتشويهه حتى تسترخي الضحية البلهاء وتستسلم بصورة طوعية هادئة فإن مفاهيم مثل "الحيلة" و"الخديعة" و"المكيدة السياسية" من المفاهيم التي لا يجب أن تغيب عن الأذهان وإلا لكنا في عالم من الأطهار أو الملائكة الأخيار الذين يتعاملون بكل شفافية ووضوح مع أعدائهم إلى حدّ أنهم لا يخفون عنهم شيئاً ولا يكيدون لهم ولا يتآمرون عليهم.
فاتخاذ المؤامرة كنظرية وحيدة لتفسير التاريخ أو الواقع أو عامل وحيد لفهم الأحداث هو نوع من التفكير غير المنهجي وغير المنطقي، ولكن نفي وجود المؤامرة هو أيضاً تفكير غير واقعي أو غير منهجي كذلك. بل إن نفي وجودة المؤامرة هو في ذاته أعظم مؤامرة لأنه مؤامرة على العقل والفهم تحوّل المقتنعين بعدم وجود مؤامرات إلى بلهاء سذج لا يردون من الواقع إلا ما يحدده لهم خصومهم وأعداؤهم. ولا يستطيعون الغوص خلف الواقع أو التفتيش فيما ورائياته المتعددة والتي قد تقود إلى معرفة أكثر عمقاً بواقع الأمور وأكثر إصابة لحقائقها. لذلك فإن نظرية الفئران هذه يجب أن تؤخذ كواحدة من طرائق الفهم والتفسير لواقعنا العربي الذي وصل إلى أدنى درجات التردي
.....
| |
|
EZEL مشرفة سابقة
عدد المساهمات : 12273 العمر : 31 العمل/الترفيه : NO THING المزاج : الجامعة : جامعة دمنهور الكلية : كلية التربية الفرقة : الأولى الشعبة : _____ المحافظة : البحيرة المدينة : City of Dreams نقاط : 16328 تاريخ التسجيل : 20/03/2010
| موضوع: رد: العرب وسياسة الفئران السبت 04 ديسمبر 2010, 8:06 pm | |
| | |
|
the seeker عضو مميز
عدد المساهمات : 801 العمر : 32 العمل/الترفيه : التنس طاوله وكره القدم المزاج : الحمد لله على كل شي الجامعة : جامعة دمنهور الكلية : كلية التجارة الفرقة : الثالثة الشعبة : محاسبه ان شاء الله المحافظة : البحيرة المدينة : المحموديه
نقاط : 6003 تاريخ التسجيل : 12/10/2010
| موضوع: رد: العرب وسياسة الفئران السبت 04 ديسمبر 2010, 9:06 pm | |
| اولا بحيك على الموضوع الرائع المغزى للنفس ولنى سمعت جمله وانا صغير ولم اكن اعرف معناها (اتفق العرب على الا يتفقوا) تقبل تحياتى ومرورى | |
|
الفارس عضو مميز
عدد المساهمات : 3487 العمر : 34 العمل/الترفيه : كرة القدم المزاج : الحمد لله الجامعة : جامعة طنطا الكلية : كلية التجارة الفرقة : خريج الشعبة : عربي المحافظة : البحيرة المدينة : المحمودية نقاط : 8924 تاريخ التسجيل : 01/12/2009
| موضوع: رد: العرب وسياسة الفئران الأحد 05 ديسمبر 2010, 12:13 am | |
|
موضوع جميل تسلم ايدك
تقبل مروري
| |
|
نيستا عضو مميز
عدد المساهمات : 6625 العمر : 33 العمل/الترفيه : Graphic Designer المزاج : هو حد فاضي للمزاج دلوقتي الجامعة : جامعة دمنهور الكلية : كلية الآداب الفرقة : خريج الشعبة : الآثار المحافظة : البحيرة المدينة : ايتاي البارود نقاط : 12016 تاريخ التسجيل : 03/10/2010
| موضوع: رد: العرب وسياسة الفئران الأحد 05 ديسمبر 2010, 5:39 pm | |
| - elveda derken كتب:
تسلم نيستا ع الموضوع ميرسي الفيدا
لمرورك نورتيني
| |
|
نيستا عضو مميز
عدد المساهمات : 6625 العمر : 33 العمل/الترفيه : Graphic Designer المزاج : هو حد فاضي للمزاج دلوقتي الجامعة : جامعة دمنهور الكلية : كلية الآداب الفرقة : خريج الشعبة : الآثار المحافظة : البحيرة المدينة : ايتاي البارود نقاط : 12016 تاريخ التسجيل : 03/10/2010
| موضوع: رد: العرب وسياسة الفئران الأحد 05 ديسمبر 2010, 5:43 pm | |
| - the seeker كتب:
- اولا بحيك على الموضوع الرائع المغزى للنفس
ولنى سمعت جمله وانا صغير ولم اكن اعرف معناها (اتفق العرب على الا يتفقوا) تقبل تحياتى ومرورى
ميرسي لمرورك الاكثر من رائع
العرب اتفقوا علي الا يتفقوا
ولكن هذة ليست جملة تقال ولكنها حقيقة يدركها الجميع
| |
|
نيستا عضو مميز
عدد المساهمات : 6625 العمر : 33 العمل/الترفيه : Graphic Designer المزاج : هو حد فاضي للمزاج دلوقتي الجامعة : جامعة دمنهور الكلية : كلية الآداب الفرقة : خريج الشعبة : الآثار المحافظة : البحيرة المدينة : ايتاي البارود نقاط : 12016 تاريخ التسجيل : 03/10/2010
| موضوع: رد: العرب وسياسة الفئران الأحد 05 ديسمبر 2010, 5:46 pm | |
| - الفارس كتب:
موضوع جميل تسلم ايدك
تقبل مروري
ميرسي لمرورك نورت التوبك
| |
|